burger menu

أهمية الصحة النفسية في بيئة العمل وكيفية تعزيزها

الصحة النفسية في بيئة العمل تؤثر على العديد من الجوانب المتعلقة بالأداء الوظيفي، والإنتاجية، ورضا الموظفين، وسلوكيات العاملين بالمؤسسة، وتؤثر الصحة النفسية في العمل أيضًا على طريقة التفاعل بين الموظفين وبعضهم البعض وكذلك العملاء، وهو ما ينعكس بالطبع على مدى رضا العملاء على مستوى التفاعل والاتصال والطريقة التي يتم تقديم المنتجات والخدمات بها من قبل المؤسسة، في هذا المقال نقدم لك دليل شامل عن أهمية الصحة النفسية في مكان العمل، وكيفية تحسين الصحة النفسية للموظف، وتأثير العمل على الصحة النفسية، وكيفية تعزيز الصحة النفسية والرفاهية في بيئة العمل للموظفين، وانعكاسات الصحة النفسية للموظفين على العمل، كل هذا وتفاصيل أكثر تجدها في سطور المقال.

 

الصحة النفسية في العمل 

تُعرف الصحة النفسية في بيئة العمل على أنها مدى قدرة الموظفين على إدارة الضغوط والتوترات المرتبطة بالعمل، وكذلك مدى تأهيل بيئة العمل بشكل إيجابي للمساهمة في انخفاض معدلات القلق والاكتئاب لدى الموظفين وتعزيز مشاعر الرضا والاكتفاء الوظيفي لديهم، وتؤثر الصحة النفسية في مكان العمل على تمكين الموظفين من تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والحياة المهنية وتشجيعهم على التنمية الذاتية. 

وتشمل الصحة النفسية في العمل التأثير على الصحة الجسدية للموظفين من خلال توفير بيئة عمل آمنة يسودها المزيد من الرفاهية التي تشجع الموظفين على ممارسة أنشطة لصحتهم الذهنية والبدنية، ذلك من خلال توفير برامج رعاية صحية وخدمات دعم لموظفي المؤسسة.

 

أهمية الصحة النفسية والرفاهية في بيئة العمل 

الصحة النفسية والعمل وجهان لعملة واحدة وهي زيادة الإنتاج وخلق بيئة عمل إيجابية وداعمة، فيما يلي أبرز الأسباب التي توضح أهمية الصحة النفسية والرفاهية في بيئة العمل:-

  • الحفاظ على الصحة النفسية والرفاهية في بيئة العمل يجعل الموظفين أكثر تركيزًا في إنجاز مهامهم ومسؤولياتهم الوظيفية. 
  • ارتفاع معدلات الصحة النفسية الإيجابية في مكان العمل يجعل الموظفين أكثر قدرة على التفكير الإبداعي، وخلق حلول ذكية لمواجهة المشكلات والتحديات. 
  • تساهم الصحة النفسية الإيجابية للموظفين على انخفاض معدلات الغياب والتأخير، وتقليل الأخطاء الوظيفية المُحتملة.

وفي هذا الصدد أشارت منظمة الصحة العالمية في إحدى الإحصائيات الموضحة على الموقع الرسمي الخاص بها إلى أنه يُهدر حوالي 12 مليار يوم عمل كل عام على مستوى المؤسسات والمنظمات في القطاعات المختلفة، ذلك بسبب الاكتئاب والقلق، الأمر الذي يكبد الاقتصاد الأمريكي إنتاجية مهدرة تسبب خسارة تبلغ تريليون دولار سنويًا.

  • الموظفون الذين يشعرون بالرفاهية النفسية يكونوا أكثر ارتباطًا بالمؤسسة ويسعون دائمًا لبذل المزيد من الجهود لتحقيق النجاحات والحفاظ على ريادة وتنافسية المؤسسة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى خفض معدل دوران عمليات التوظيف والتعيين الجديدة.
  • شعور الموظفين بالرفاهية في مكان العمل يساعد على تعزيز روح العمل الجماعي والتعاون والتفاعل الإيجابي بين جميع أفراد الفرق المختلفة في أقسام العمل. 

 

خطوات دعم الصحة النفسية في بيئة العمل 

هناك العديد من الخطوات والأنشطة  التي يمكن للمؤسسات اتباعها لتعزيز الصحة النفسية ورفاهية الموظفين في بيئة العمل ومنها:-

برامج ومبادرات دعم الصحة النفسية في بيئة العمل 

يجب على المؤسسات أن تتجه إلى تطوير برامج وسياسات واضحة لدعم الصحة النفسية والرفاهية للموظفين في بيئة العمل، وكذلك الحرص على نشر هذه البرامج بين الموظفين باعتبارها حق أساسي لهم للاستفادة منه، ويُمكن أن تتمثل برامج ومبادرات تعزيز الرفاهية والصحة النفسية للموظفين في:-

  •  توفير خدمات استشارات نفسية وتأهيلية  لتوجيه للموظفين، وتدريب المديرين ورؤساء الأقسام على كيفية دعم الصحة النفسية للموظفين وإرشادهم عند الحاجة.
  • تطوير أنظمة عمل بساعات وإجازات مرنة توازن بين الصحة النفسية للموظفين وسير العمل بكفاءة. 
  • تنظيم ورش عمل وندوات تتعلق بكيفية إدارة ضغوط العمل والتوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
  • توفير برامج ومساحات مخصصة تساعد الموظفين على ممارسات الأنشطة الرياضية والبدنية، وكذلك خدمات العلاج الطبيعي للموظفين الذين يعانون من إصابات جسدية بسبب العمل البدني الشاق، أو نتيجة الالتزام بعدد طويل من الساعات المكتبية.
  • إتاحة مساحات خضراء واسعة وألعاب تفاعلية، ومناظر مبجهة تساعد الموظفين على الراحة والاسترخاء في مكان العمل. 
  • توفير مرافق رعاية الأطفال، وإتاحة العمل عن بعد لمساعدة الموظفين على التوافق بين الحياة الشخصية والعملية.

مشاركة الموظفين في المسؤولية المجتمعية وصنع القرار 

أحد الخطوات التي تساهم في دعم الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل هي  تنظيم أنشطة ترفيهية واجتماعية لتعزيز التفاعل الاجتماعى وبناء علاقات إيجابية بين الموظفين بين الموظفين، وإشراك الموظفين في مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة مثل الأنشطة التطوعية والمشاركة في مبادرات المجتمع المدني، وكذلك تشجيع سياسة الحوار المفتوح بين الإدارة والموظفين، وإشراكهم في عمليات صنع القرارات المهمة.

توفير بيئة عمل آمنة وصحية

التأكد من توافر كافة شروط السلامة والصحة في مكان العمل له عامل كبير على شعور الموظف بالإهتمام به، وهو ما يساهم بالتأكيد في دعم الصحة النفسية في بيئة العمل.

مبدأ الشكر والعرفان 

الاعتراف بجهود الموظفين تقديم ردود فعل بناءة للموظفين على إنجازاتهم أحد أهم سياسات دعم الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل، وتقديم المكافآت والحوافز وشهادات التكريم والتقدير لتشجيع الأداء المتميز.

تنظيم الفعاليات الترفيهية 

تنظيم فعاليات اجتماعية دورية مثل الحفلات والرحلات الترفيهية، وتشجيع الموظفين على المشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية والثقافية للمؤسسة، ذلك عن طريق شراك الموظفين في عملية التخطيط والتنفيذ للبرامج والأنشطة الترفيهية من خلال عمل استطلاع آراء الموظفين حول احتياجاتهم وتفضيلاتهم بشأن المفضل لهم من الناحية الترفيهية والدعم النفسي، وتخصيص ميزانيات وأوقات لهذه البرامج والأنشطة.

التحفيز المهني 

تحفيز الموظفين على التطور المهني والنجاح الوظيفي يساعد في دعم صحتهم النفسية وانتمائهم لمكان العمل، ذلك من خلال توفير برامج تدريب الموظفين وتنمية مهاراتهم وخبراتهم، وتشجيعهم على التعلم الذاتي، وإتاحة فرص عادلة للترقية والتقدم الوظيفي.

أقرأ أيضًا أفضل 7 نصائح للمديرين لتحفيز موظفيهم 2024

اهتمام القادة بالثقافة النفسية 

إظهار القيادات الإدارية في المنظمات والمؤسسات اهتمامهم بالرفاهية النفسية للموظفين في بيئة العمل، وإلزامهم بإنشاء جلسات دعم نفسية وإجتماعية مع الموظفين، والحرص على المناقشة المفتوحة عن الصحة النفسية وأهميتها في بيئة العمل وتأثيراتها الإيجابية على تحقيق الأهداف الفردية والمؤسسية.

تقييم دوري لبرامج دعم الصحة النفسية للموظفين 

يجب على المسؤولين عن إعداد برامج ومبادرات وسياسات دعم الصحة النفسية في بيئة العمل تقييم مستوى الرفاهية النفسية للموظفين، وتقييم جدوى فاعلية هذه البرامج، وتعديلها وتحسينها إذا لزم الأمر.

 

العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للموظف 

الموظفون الذين يشعرون بالرفاهية والراحة النفسية والرضا الوظيفي هم الأكثر إنتاجية، ولكن ما العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل؟ فيما يلي أبرز هذه العوامل:- 

  • أعباء العمل الزائدة والمهام الوظيفية المتداخلة أو الغير واضحة، والمواعيد النهائية الضيقة تؤثر بالسلب على الصحة النفسية للموظفين وتشعرهم بالتوتر والاكتئاب. 
  • التصميمات الغير مريحة لمكان العمل من حيث الإضاءة والتهوية ومصادر الضوضاء لها عامل أساسي على جودة الصحة النفسية في بيئة العمل. 
  • توتر العلاقات بين الموظفين وبعضهم أو الموظفين والإدارة له عامل سلبي على دعم نفسية الموظفين وشعورهم بالرضا والانتماء الوظيفي. 
  • شعور الموظفين بالخوف بسبب فقدان الوظيفة يسبب عدم الأمان الوظيفي، وكذلك الرواتب والأجور الغير متكافئة مع الأدوار الوظيفية تؤثر سلبيا على الصحة النفسية في العمل.

 

ما هي المؤشرات السلبية للصحة النفسية في بيئة العمل 

  • انخفاض مستويات الأداء الوظيفي وزيادة الأخطاء، والتأثير السلبي على الانتاجية وتحقيق أهداف المؤسسة..
  •  ارتفاع معدلات الغياب والتأخير والأذونات.
  •  انخفاض جودة الخدمات والمنتجات.
  • انعدام مشاعر الرضا الوظيفي والانتماء إلى المؤسسة.
  • التغييرات السلوكية من الموظفين مثل الانفعالات والعصبية الزائدة.
  • التقلبات المزاجية الغير مبررة للموظفين، والشعور بالإرهاق والتعب بشكل مستمر.
  • تشتت التركيز والانتباه والتقصير في المهام.

وفي إطار التأثيرات السلبية للصحة النفسية في مكان العمل أوضحت منظمة الصحة العالمية في إحدى احصائياتها بعام 2019 إلى أن 15٪ من البالغين في سن العمل عانوا من اضطراب نفسي وقلق واكتئاب. 

الصعوبات التي تواجه تعزيز الصحة النفسية في مكان العمل 

التحديات التي قد تواجه تنفيذ برامج دعم الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل تتمثل في:-

  • قيود الميزانية والتكلفة المادية التي يتطلبها تنفيذ هذه البرامج. 
  • تتبنى الكثير من الشركات ثقافة مؤسسية تركز في المقام الأول على الإنتاجية دون الاهتمام بنفسية ورفاهية الموظفين.
  • صعوبة قياس وتقييم مدى تأثير برامج دعم الصحة النفسية للموظفين على أدائهم وسلوكياتهم ومعدلات الرضا الوظيفي.

 

ختامًا بعد أن عرضنا كافة التفاصيل المتعلقة بالصحة النفسية في بيئة العمل نجد أنه في ظل عالم الأعمال المليء بالضغوط لم يصبح الاهتمام بالصحة النفسية والرفاهية في بيئة العمل أمر اختياري، بل ضرورة لدعم الإنتاجية والالتزام الوظيفي وتحسين الأداء العام للمؤسسة، من خلال تعزيز مشاعر الرضا والانتماء والاستقرار النفسي للموظفين في بيئة عمل إيجابية ومحفزة.

مقالات ذات صلة